قراءة في كتاب "أعلام معاصرون"
تصغير الخط
تكبير الخط
طباعة الصفحة
  
 
 

عنوان الكتاب هـو بمثابة عهد يقطعه المؤلف للقارئ. سيكون عليه أن يفي به في متن الكتاب. لذلك فإن أوّل ما علينا بيانه في هـذه المقـدمة  هو مادة العنوان بعنصريه الإثنين.

أمّا "أعلام" فهـو جمعُ (عَـلَـم). وهذا يعني الأمر أو الشيء البارز عمّا حوله، بُروزاً مادّيّـاً أو معنويّـاً. فالجبل العالي (عـَلَـم). وهـو المَعنيّ بقول الشاعـر في ممدوحه:

كأنّه علمٌ في رأسه نار

وراية الدولة (عَـلـَم) ايضاً، إشعاراً بعلوّها المعنوي على كافّـة الرموز المُتداولَة.

إذن، فعندما نصِفُ به شخصاً، كما فعـلنا في عنوان الكتاب، فنحن نعني أنّه ليس من عُـرُض الناس، ممّن لا يُعرفـون إلا بالتعامل المباشرمعهم. وإذن فالوصف بنفسه ليس يعني بالضرورة كبيرَأمر. لأنّ الصفة يُمكن اكتسابها من طُرُقٍ جمّة. بل هو ينطوي على درجات.

فمن  أولئك الأعلام وأجلُّهم الأبطال المُغيّرون، الذين يتركون من بعدهم عالَماً أفضل من الذي دخلوه. تحته بالدرجة المُبدعـون، الذين يُخلّفون للناس إرثاً باقياً في فـنٍّ من الفنون : التصنيف أوالشعر أوالفنون التشكيليّة. وأدناهم الذين يضطربون في الحياة كلَّ مُضطرَب يشهد ببراعتهم  فقط . وهؤلاء قلّـةٌ في الكتاب. لكن مادمنا قد أتينا على ذكر بعضهم، فـقـد بات علينا أن نُبرّر ذكرنا لهم  تحت عنوانه.

الأمر الجامع في عملنا على الأنماط الثلاثة أنّنا قرأنا الجميع قراءةً نقديّة وصفيّةً صادقة. حتى وإن تكُن قاسية أحياناً.

يبقى الإلماح إلى أنّ كلمة "أعلام" في العنوان أتت مُنكّرة، إشعاراً بأنّ عملنا ليس شاملاً لكلّ الذين يحملون الصفة، كما لو أنّنا أوردناها مُحلاّة بـألف لام التعـريف. وليعتبر القارئ هذا الكلام بمثابة اعتراف من الكاتب بأنّ عمله ينطوي على جانبٍ إنتقائي، حكمَهُ درجةُ تأثُّـره الشخصي بالمُترجم له بمعنىً من المعاني، بالإضافة إلى عـوْل المعلومات عن أن نبني منها سيرةً وافية.

أمّـا "مُعاصرون" فهي تعني الذين عاشوا في  زماننا، على مسافةٍ قريبة أوبعيدةٍ قليلاً.  بل إنّ بعضهم ممّن عـرفناه وعـرفـنا معرفةً وثيقة. الأمرُ الذي منح ما كتبناه عليهم لمسـةً مُميّزة.

                    المُعاصرة هنا ذات أهميّة. من حيث أنّـه لم يمُـرّ الوقـت الكافي كيما يبـدأ الكُتّابُ الاهتمامَ بالكتابة وبالتنقيب عن عناصر سِـيرهم. فبهذا الاعتبار قـد يكون كتابنا سبّاقاً. خصوصاً أنّ القارئ العارف سيرى أنّنا قـدّمنا أحياناً معلومات نادرة عن عـددٍ من كبار المعارف القريبي العصر، مصدرها إمّا ممّا كُنّـا قد شهدناه وسجّلناه سابقاً عـنهم، وإمّـا ممّا قـد استفدناه من مُساءلة العارفين.

 

مقدمة كتاب "أعلام معاصرون" للشيخ د.جعفر المهاجر.

لقراءة الكتاب: https://mobdie.org/article.php?id=186&cid=14


الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد