الاسـم امتيازٌ بشـريٌّ خالصٌ. خصّ بـه الخالقُ الحكيمُ تبارك وتعالى هــذا الانسان. والامتيازُ، فيما يدلُّ عليه العملُ والسّـيرةُ، يرمـي إلى أمرين اثنين:
ـــــ الأمـر الأوّل: استحضار المُسمّى في الذهن دون أن يكونَ حاضراً بالفعل. وهـذا هــو ســــــرُّ اللغة، ذلك أنّها ليسـت في الحقيقة إلا مجموعةٌ من الاسماء.
ـــــــ الأمر الثاني: تمييزُ المُسمّى عن غيـرِه. والمثالُ الأبرزُ لذلك ما يُسمّي البشرُ بـه بعضَهم بعضا، أو ما يُسمّون به شؤونَهم.
بيـدَ أنّ الناس، وهم يضعون الاسماءَ لمَن لهم حق الاختيار لهم أو لمَـن سـواهـم، فإنهم لا يختارون الاسماءَ عـبثـاً. بل إنّهم غالبـاً جـدّاً يودعـونها أُموراً لاعلاقة لها بالغرضيَن الأساسييَن من التسمية ، يأخذونها من عقيدتهم الدينيّة أو مذهبهم السياسيّ أو من ذاكرتهم التاريخيّة أو الشخصيّة أو من موقـفـهم من المُسَـمّى. وهكذا تغـدو الاسماءُ ليس مُجرّد وسيلة للاستحضار والتمييز، وإنّما بالإضافة إلى ذلك حُصُوناً تضمُّ داخلَها بعضَ مُواصفاتِ البيئة التي نبتتْ فيها، أو أحياناً موقفَ صاحب التّسمية من المُسمَّيْن. ومن هنا يمكننا أن نعرفُ أشياءَ كثيرةً عن الأشخاص من مُجرّد معرفةِ أسمائهم.
من بين كلّ الفِـرق الإسلاميّة فإن "الشيعة" الذين انتهوا إلى "إثنى عشـريّة" فازوا بأكبر عـددٍ من الاسماء . منها، وهو الأقـلّ بكثير، مااختاروه هم لأنفسهم لمُناسـبةٍ أو غيرها. وأكثره ممّا لبسهم نسبةً إلى مواطنهم ومنازلهم هنا وهناك، أو من أسماء أو صفات قادةِ بعضِهم صحيحةً أو مَزعـومة، أو من فُروقٍ مؤقتة عاشت زمناً ثم عادت واندمجت في المسار الأصلي، أو ممّا سُـمّوا به من قِبَل خصومهم على سبيل التشنيع والتهزيل. وهكذا نشأت أسماءٌ كثيرة لهم : الشيعة، الإماميّة، الجعفـريّة، الاثنى عشريّة، المتاولة، الجرديّون/الجبليّون، المياذنة، الظنيّون، السبأيّة، الخشبيّة، الترابيّة، الكيسانيّة، الواقفة، الرافضة، النصيريّة، القِزلباش، الأصوليّة، الأخباريّة، الشيخيّة.
من الواضح أن هذه الاسماء تختلف بعضُها عن بعض من حيث عمومُها وخصوصُها، ومن حيث دوامها وكونها مؤقّتة، ومن حيث الظرف التاريخي أو الجغرافي الذي نشأت فيه. ولكنّها كلّها تحكي جزءً لا يتجزّأُ من التاريخ الذي اضطربت فيه وهي تشـقُّ مسارَها في الزمان والمكان.
بُغيتُنا في البحوث الآتية أن نسعى، بالقـدر الذي تُعطينا إياه مصادرُ المعلومات المُتاحة، إلى بيان معنى كلًّ من تلك الاسماء/المُصطلَحات ووعائِها في إرادات واضعِيها وفي الزمان أو في المكان أو في كليهما. سنجعلُ من كلٍّ من الاسماء المذكورة عنواناً لبحثٍ مستقلٍ، نُبيّنُ فيه العلاقةَ بين العقيدة بوصفِها الأمر الجامع بينها من جهة، وبين الوعاء السياسي أو الفكري أو التاريخي أو الجغرافي الخاصّ بكلٍّ منهـا، مـن جهـةٍ أُخـــرى. ومن الواضح أن هــــذا الأخـيـــر ( الوعاء . . . ) هو الذي كان السببَ في تخصيصِ كلٍّ منها باسـمٍ خاصٍّ، ضمن الاسـم العامّ الأصلي الجامع "الشيعة". ولذلك فإننا سنبدأُ بهـذا، ثم نمضي في تتبُّع البقيّة واحـداً واحـداً.
من كتاب "أسامي الشيعة" للشيخ د.جعفر المهاجر.
لقراءة الكتاب: https://mobdie.org/article.php?id=19&cid=14
لمتابعة نشاطات مركز بهاء الدين العاملي (مبدع):
فايسبوك: https://www.facebook.com/baha2addni
واتساب: https://chat.whatsapp.com/IuVrEW75RfVDVIwFIAGOP
تيليغرام : https://t.me/+Lci14I49Q7s1YmI0
يوتيوب: https://www.youtube.com/@mobdie