مضى عليّ شطر طيب من العمر وأنا أجيل النظر في كتب السّــــيَر والطبقات وتراجم الرجال باحثا ًمنُقبّاً. ولكم وقعت فيها على معلومات ثمينة، تتجاوز في دلالتها ومغزاها ســــيرة شـــخص بعينه. استفدت ُمنها كثيرا ًفيما صدر لي من كتُبُ وأبحاث. ركنت ُإليها وأنستُ بها ليقيني أولاً، بأنها أكثر براءة ًوخلوصا ًبما لا يُقاس من كتب التاريخ الرسمي التي تُلوّن مقاصدها غالبا، إن لم يكن دائماً، بما يحمله صاحبها من ميل مذهــبي أو سلطوي، يخضع له إمّا لميلٍ في نفسه وإمّـــــا لأنه لا يجد مفراّ ًمن مراعاة القابض على السلطة. وثانياَ، لانها أكثر إنسانيّة. بمعنى أنها بطبعها أقرب إلى التاريخ الانساني الذي يُعنى بتأريخ الناس، الصانعين الحقيقيين للتاريخ.
إن سيَرَ الرجال هي أجمل وأعود فنون الكتابة التاريخيّة. ذلك أنها، بالاضافة إلى أنها أقرب إلى البراءة والخلوص، تُشرف بالباحث والقارئ على جوانب من النشاط الإنساني لا توليها كتب التاريخ الحدَثي العناية التي تستحقها. على أنه يجب القول أن الافادة منها يقتضي وفـــــــرة المعلومات على موضوع البحث. إنها كالحقيقة الاحصائيةّ، لا تُفصح عن خبيئها إلا من خلال التراكم.
لكنني مع ذلك، مع الركون والأُنس وما دعا إليهما، كنتُ ألقى عنتا ًكثيراً من مصنفاتها. وذلك لأسبابٍ في رأسها الافتقار إلى المنهج الواضح. أو لخلوّها من الاســــناد الدقيقة التي تقـود الباحث إلى المصادر الاصليّة التي اســــتفاد منها المصنف. أو لمزاجيّة عند أصحابها، وما إلى ذلك.
لهذا وذاك فقد كنت ُأحدّث النفس منذ زمن بعيد بأن أضع كتاباً في أعلام الشيعة خاصة، أجمع فيه حسنات منَ سبقـني إلى التصنيف في هذا الباب، تحت عنوان أو غيره، وبلحاظ أو آخَر، وأستفيد فيه مماّ استجد ّفي عالَم النشر من مصادر كانت بعيدة عن متناول السلف، ومن تقنيات حديثة جعلت الوصول إلى المعلومات أكثر يُسراً بكثير، كما أتجاوز فيه مواطن الضعف والخلل فيما صنفوه، مماّ أشرت ُإليه أو غيره. على أن فضلهم السابق هو الذي يمُكنّني الان من تجاوزهم إلى ما هو أحسن. هذا إن وفّــقــت بالفعل إلى ما أروم.
من كتاب "أعلام الشيعة" لسماحة الشيخ د.جعفر المهاجر.
لقراءة الكتاب: https://mobdie.org/article.php?id=14&cid=14
أو يمكنكم التوجه إلى موقع المركز في بعلبك – حي الشيخ حبيب للحصول على نسخة ورقية من الكتاب.
لمتابعة نشاطات مركز بهاء الدين العاملي (مبدع):
فايسبوك: https://www.facebook.com/baha2addni
واتساب: https://chat.whatsapp.com/IuVrEW75RfVDVIwFIAGOPD
تيليغرام : https://t.me/+Lci14I49Q7s1YmI0
يوتيوب: https://www.youtube.com/@mobdie