وأين يجب على المُثقـّف المُنتمي أن يُضئ، أوحى إليّ بضرورة إخضاع إشكاليّات موضوع نوح عليه السلام وما يتصل به، وخصوصاً أصالة مقامه في بلدة "كرك نوح"، للعمل النقدي للباحث. ابتغاء أن ننقله من الموقع الموروث لوُجدان الجمهور، إلى موقع الحقيقة التاريخيّة المُبرهَن عليها. بعد أن تكون قد عبرت صراطَ العمل النقدي للمؤرّخ الآهِـل.
وتلك نقلةٌ نوعيّةٌ في مصلحة الاثنين معاً. في مصلحة الجمهور، من حيث أنّها تُحرّك وُجدانَه من موقع الوعاء الذي تصبُّ في مخياله عناصر موروثة لم تمُرَّ بمصفاةٍ نقـديّة. و في مصلحة الموضوع، من حيث أنها تحرّره ممّا علِق به من غُثاء، وهو يتحرّك مُرغَماً بطاقة الزمان الجبارة. حاملاً معه، مُرغَماً أيضاً، عناصر أُسطوريّة تبتعدُ به مسافةً طويلةً عن ثوابت التاريخ ومنطق الأشياء.
من مقدمة كتاب "كرك نوح" للشيخ د.جعفر المهاجر.
لقراْة الكتاب: https://mobdie.org/article.php?id=144&cid=14#.ZFi6unbP2Ul